خلق الله عز و جل الخلق ، فلما فرغ منه قامت الرحم ، فقال : مه ،
قالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ،
قال: ألا ترضين أن أصل منوصلك و أقطع من قطعك ؟
قالت : بلى يا رب ،
قال : فذلك لك ، صححه الألبانى فى صحيح الأدب المفرد
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 36 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ: تقدم تأويل فرغ في تفسير القتال , قال ابن أبي جمرة : يحتمل أن يكون المراد بالخلق جميع المخلوقات , ويحتمل أن يكون المراد به المكلفين .
وهذا القول يحتمل أن يكون بعد خلق السماوات والأرض وإبرازها في الوجود , ويحتمل أن يكون بعد خلقها كتبا في اللوح المحفوظ ولم يبرز بعد إلا اللوح والقلم , ويحتمل أن يكون بعد انتهاء خلق أرواح بني آدم عند قوله :
ألست بربكم: لما أخرجهم من صلب آدم عليه السلام مثل الذر
مَهْ: اى كفى أو حسبك ، لأنَّه زجرٌ
أي : اكففي وامتنعي عن هذا الالتجاء ، فإن حاجتك مقضية ، والأظهر أن يكون استفهاما وقلبت الألف هاء ، ويمكن حذف ألف الاستفهام ، ثم إتيان هاء السكت ، والمعنى ما يقول ، والمراد منه الأمر بإظهار الحاجة ليعلم الاعتناء بها لا الاستعلام ، فإنه يعلم السر وأخفى
قامت الرحم فقالت: قال ابن أبي جمرة : يحتمل أن يكون بلسان الحال ويحتمل أن يكون بلسان المقال قولان مشهوران , والثاني أرجح .
وعلى الثاني فهل تتكلم كما هي أو بخلق الله لها عند كلامها حياة وعقلا ؟ قولان أيضا مشهوران , والأول أرجح لصلاحية القدرة العامة لذلك , ولما في الأولين من تخصيص عموم لفظ القرآن والحديث بغير دليل , ولما يلزم منه من حصر قدرة القادر التي لا يحصرها شيء
أصل من وصلك وأقطع من قطعك: في ثاني أحاديث الباب من وجه آخر عن أبي هريرة " من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته " قال ابن أبي جمرة : الوصل من الله كناية عن عظيم إحسانه , وإنما خاطب الناس بما يفهمون , ولما كان أعظم ما يعطيه المحبوب لمحبه الوصال وهو القرب منه وإسعافه بما يريد ومساعدته على ما يرضيه , وكانت حقيقة ذلك مستحيلة في حق الله تعالى , عرف أن ذلك كناية عن عظيم إحسانه لعبده .
قال : وكذا القول في القطع , هو كناية عن حرمان الإحسان .
وقال القرطبي : وسواء قلنا إنه يعني القول المنسوب إلى الرحم على سبيل المجاز أو الحقيقة أو إنه على جهة التقدير والتمثيل كأن يكون المعنى : لَوْ كَانَتْ الرَّحِم مِمَّنْ يَعْقِل وَيَتَكَلَّم لَقَالَتْ كَذَا , وَمِثْله ( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآن عَلَى جَبَل لَرَأَيْته خَاشِعًا ) الْآيَة , وَفِي آخِرهَا ( وَتِلْكَ الْأَمْثَال نَضْرِبهَا لِلنَّاسِ ) فَمَقْصُود هَذَا الْكَلَام الْإِخْبَار بِتَأَكُّدِ أَمْر صِلَة الرَّحِم , وَأَنَّهُ تَعَالَى أَنْزَلَهَا مَنْزِلَة مَنْ اِسْتَجَارَ بِهِ فَأَجَارَهُ فَأَدْخَلَهُ فِي حِمَايَته , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَجَارُ اللَّه غَيْر مَخْذُول , وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ صَلَّى الصُّبْح فَهُوَ فِي ذِمَّة اللَّه , وَإِنَّ مَنْ يَطْلُبهُ اللَّه بِشَيْءٍ مِنْ ذِمَّته يُدْرِكهُ ثُمَّ يَكُبّهُ عَلَى وَجْهه فِي النَّار " أَخْرَجَهُ مُسْلِم
و الحديث هذا فيه وجوب صلة الرحم، وأنه يجب على الإنسان أن يصل رحمه، فالله -تعالى- يصل من وصل الرحم، ويقطع من قطعها، والحديث فيه وعيد شديد على من قطع الرحم، وأن قطيعة الرحم من الإفساد في الأرض، وأنه متوعد باللعن والصمم وإعماء الأبصار والعياذ بالله. والرحم هو القرابة من جهة الأب ومن جهة الأم، وأقرب الرحم أمك وأبوك، ثم الأبناء والبنات، ثم أبناء البنين وأبناء البنات، ثم الأخوة والأخوات الأشقاء، ثم الأخوة والأخوات لأب، والأخوة والأخوات لأم، ثم أبناء الأخوة والأشقاء، وأبناء الأخوة لأب، وأبناء الأخوة لأم، ثم الأعمام الأشقاء أو لأب أو لأم، ثم أبناء الأعمال وهكذا، الأقرب فالأقرب كما قال أحدهم: (أمك وأباك، أختك وأخاك، ثم أدناك فأدناك).
وليس واجبًا في صلة الرحم أن يكون الواصل محرمًا للموصولة، فيجوز أن يصل بنت عمه ويبلغها السلام، وإن كانت فقيرة فعليه الإنفاق عليها.
والشاهد قوله: (ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك) ففيه إثبات القول لله، وأنه صفة من صفاته
و الله تعالى اعلم
للمزيد
المصدر : http://ahadith01.blogspot.com/