وَقَوْلُهُ: "مَصْنَع" (¬9) الْمَصْنَعُ: كَالْحَوْضِ يُجْمَعُ فيهِ ماءُ الْمَطرَ، وَكَذَلِكَ الْمَصْنُعَةُ -بِضَمِّ النونِ- هَكَذا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬10)، وَحَقيقَتُهُ: الْبِرْكةُ.
وَحَدَّثَ أَبو الْحَسَن اللؤْلُؤىُّ، وَكانَ خَيرًا فاضِلًا، قالَ: كُنتُ وَلِعًا بِالْحَجِّ فَحَجَجْتُ فِى بَعْضِ السِّنينِ، وَعَطِشْتُ عَطَشًا شَديدًا، فَأجلَسْتُ عَديلى فِىي وَسَطِ الْمَحْمِلِ، ونزَلْتُ أَطْلُبُ الْماءَ، وَالنّاسُ قَدْ عَطِشوا، فَلَمْ أزَلْ أَسْأَلُ رَجُلًا رَجُلًا وَمَحْمِلًا مَحْمِلًا، مَعَكُمْ مَاءٌ؟ وإِذا النّاسُ شَرْعٌ واحِدٌ، حَتّى صِرْتُ فِى ساقَةِ الْقافِلَةِ بِمِيل أَوْ مِيلَمْنِ، فَمَرَرْتُ بِمَصْنَعِ مُصَهْرج، فَإِذا رَجُلٌ فَقيرٌ جالِسٌ فِى أَرضِ الْمَصْنَعِ، وَقَدْ غَرَزَ عَصاهُ فِى أَرْضِ الْمَصْنَعِ، وَالْماءُ يَنْبُعُ مِنْ مَوْضِعِ الْعَصا، وَهُوَ يَشْرَبُ، فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ فَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ، وَجِئْتُ إِلَى الْقافِلَةِ، وَالنّاسُ، قَدْ نَزَلوا، فَأَخْرَجْتُ قِرْبَةً وَمَضَيْتُ فَمَلأتُها، وَرَآنِي النّاسُ، فَتَبادَروا بِالْقِرَبِ فَرَوَّوْا عَنْ آخِرِهِمْ، فلما رَوِىَ النّاسُ وَسارَتِ الْقافِلَةُ جِئْتُ لِأَنْظُرَ، فَإِذا الْبِرْكَةُ مَلْأَى تَلْتَطِمُ أَمْواجُها.
وَالْمَصانِعُ أَيْضًا: الْحُصونُ، وَقدْ فُسِّرَ قَوْلُهُ تعالى: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ} (¬11) قالَ مُجاهِدٌ: قُصورًا مُشَيَّدَةً (¬12) قالَ (¬13):
تَرَكنَ ديارَهُمْ مِنْهُمْ قِفارًا ... وَهَدَّ مْنَ الْمَصانِعَ وَالْبُروجَا
¬__________
(¬7) إن أقر لحمل بمال فإن عزاه إلى إرث أو وصية صح الإقرار. المهذب 2/ 344.
(¬8) 2/ 357، 358.
(¬9) وإن أقر لمسجد أو مصنع وعزاه إلى سبب صحيح من غلة وقف عليه صح. المهذب 2/ 345.
(¬10) الصحاح (صنع).
(¬11) سورة الشعراء آية 129.
(¬12) تفسير الطبرى 29/ 95، 96.
(¬13) لم أهتد إلى قائله.