قَوْلُهُ تَعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (¬8) أَيْ: لَا تَتَّبِعْهُ، فَتَقولَ فيهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ (¬9)، يُقالُ: قَفَوْتُهُ أَقْفوهُ، وَقُفْتُهُ أَقوفُهُ: إِذا اتَّبَعْتَ أَثرَهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْقافَةُ، لِتَتَبعِهِم الآثارَ، وَأَصْلُهُ: مِنَ الْقَفا.
قَوْلُهُ: "لِأنَّ الزّانِي هَتَك حُرْمَةَ اللهِ" (¬10) هَتَكَ: خَرَقَ، وَأَصْلُهُ: خَرْقُ السِّترِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬11). وَالْحُرْمَة، مَا يَحْرُمُ انِتْهَاكُهُ.
قَوْلُهُ: "بِالاسْتِفاضَةِ" (¬12) هِىَ مَأْخوذَةٌ مِنْ فاضَ يَفيضُ: إِذا شاعَ، وَهُوَ حَديثٌ مُسْتَفيضٌ، أَيْ: مُنتَشرٌ فِى النّاسِ.
قَوْلُهُ: "أَخبارُ الآحادِ" (¬13) الآحادُ: مَا انْحَطَّ عَنْ حَدِّ التَّوَاتُرِ، وَالتَّواتُر: غَيْرُ مَحْصورٍ عَلى الصَّحيح مِنَ الأَقوالِ.
¬__________
(¬6) روى عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب على ذى لب منكن" المهذب 2/ 334.
(¬7) سورة الزمر آية 21.
(¬8) سورة الإسراء آية 36.
(¬9) معاني الفراء 2/ 32، ومجاز القرآن 1/ 379، ومعاني الزجاج 3/ 239، وقال الفراء: أكثر القراء يجعلونها من قفوت، وبعضهم يقول: {وَلَا تَقْفْ} والعرب تقول قُفْتُ أَثره وقَفَوْتُه. وقال الطبرى في تفسيره 15/ 87: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: لا تقل للناس وفيهم ما لا علم لك به فترميهم بالباطل وتشهد عليهم بغير الحق، فذلك هو القفو.
(¬10) يجوز النظر إلى العورة في شهادة الزنا دون غيره؛ لأن الزانى هتك. . . بالزنا فجاز أن تهتك حرمته بالنظر إلى عورته. المهذب 2/ 335.
(¬11) 1/ 35، 2/ 25.
(¬12) إن كانت الشهادة على ما لا يعلم إلا بالخبر، وهو ثلاثة: النسب، والملك، والموت: جاز أن يشهد بالاستفاضة 2/ 335.
(¬13) في عدد الاستفاضة قال الماوردى: لا يثبت إلا بعدد يقع العلم بخبرهم؛ لأن ما دون ذلك من أخبار الآحاد فلا يقع العلم من جهتهم. المهذب 2/ 335.